التبادل التجاري الحر مع الصين: فرصة سانحة أم رهان محفوف بالمخاطر

وصل رئيس الوزراء الكندي “جوستان ترودو” Justin_Trudeau الى الصين في مهمة اقتصادية تستغرق ثلاثة ايام حيث سيحاول من خلالها طرح مسـألة التبادل التجاري الحر على طاولة البحث وبحال كُللت مساعيه بالنجاح فإنه سيعلن رسمياً عن مفاوضات رسمية بهذا الشأن مع الصين.

وفي الوقت الذي تتعثر فيه المفاوضات الى جانب الولايات المتحدة والمكسيك للمحافظة على اتفاقية التجارة الحرة لاميركا الشمالية (النافتا) فإن الحكومة الكندية تسعى الى شراكات تجارية جديدة.

وكانت الصين قد اظهرت اهتماماً كبيراً ازاء كندا التي قد تصبح الدولة الاولى العضو في مجموعة السبع والتي توافق على التفاوض حول اتفاقية تجارية الى جانب صاحبة ثاني اقوى اقتصاد في العالم.

ويصل عد السكان في الصين الى 1,4 مليار نسمة وتشهد الطبقة الوسطى على نمو ملحوظ وقد يبدو للوهلة الاولى الاتفاق التجاري للتبادل الحر الى جانب الصين مغرياًَ انما يتعين على رئيس الوزراء الكندي توخي اقصى درجات الحيطة والحذر بحال قرر الدخول في مرحلة المفاوضات الرسمية.

وبهذه المناسبة استضافت هيئة الاذاعة الكندية السفير الكندي السابق لدى الصين “غي سان جاك” Guy_Saint_Jacque الذي تولى هذا المنصب في بكين بين عامي 2012 و2016 وطرحت عليه مجموعة من الاسئلة نستعرض ابرزها.

ما هو مستوى اهتمام ونهم الصين للتوصل الى اتفاق للتبادل التجاري الحر مع كندا؟

اجاب السفير الكندي السابق قائلاً الصين مهتمة جداً لا سيما وانه الاتفاق الاول الى جانب دولة عضو في مجموعة السبع وذلك على الرغم من ان السوق الكندي لا يرقى الى مستوى بقية الاسواق العالمية الاخرى انما بإمكان الصين استخدام اتفاق على هذا المستوى كرافعة للتفاوض مع دول اخرى.

ما هو الهدف الذي تسعى اليه الصين من خلال اتفاق محتمل للتبادل التجاري الحر مع كندا؟

يقول السفير الكندي السابق إن الصين لا تزال مهتمة جداً في قطاع الموارد الطبيعية في كندا وتسعى للوصول بشكل مطلق الى هذا القطاع والى رفع كل انواع الحظر المفروضة على استثمارات المؤسسات الحكومية في الرمال الزفتية على سبيل المثال وكذلك الوضع في مجال الاورانيوم حيث يوجد لدى الصين برنامج طموح جداً لبناء مراكز نووية وهي بأمسّ الحاجة لمادة الاورانيوم.

 الى ذلك فإن سمعة كندا في قطاع المنتجات الزراعية والغذائية طيبة جداً على الصعيد العالمي وتسعى الصين لزيادة هذا النوع من الواردات اليها كما تعترف ايضاً بأن كندا مصدر مهم للتكنولوجيا النظيفة.

هل بإمكان كندا ان تقع ضحية ممارسات تجارية غير شريفة؟

لا بد ان تبقى كندا متيقظة جداً لأن الصين يمثل سوقاً صعبة جداً ويأتي المسؤولون في الصين على ذكر اتفاق يعود بالنفع على الطرفين انما ينبغي على الحكومة الكندية ايضاح هذه النقطة وبأن الاستفادة للجانب الصيني لن تكون مزدوجة.

هذا وتكمن الصعوبة الكبرى في الحماية من الاجراءات التي لا تطالها الرسوم الجمركية وكانت الصين قد فرضت حظراً العام الماضي على صادرات الكانولا الكندية وادعت ان الاسباب تعود الى مشاكل في الصحة النباتية في حين ان السبب الفعلي كان عائداً الى فائض في الزيت النباتي لديها.

كيف ممكن ان تحمي كندا نفسها في اطار اتفاق للتبادل التجاري؟

من المهم ان يشمل الاتفاق آلية ممتازة لحل المشاكل التجارية فضلاً عن علاقات سياسية ممتازة لكي يتمكن رئيس الوزراء الكندي من التواصل مع نظيره الصيني بشكل مباشر لحل المشاكل العالقة أو التي ترتسم في الافق.

هذا ويتعين على الحكومة الفدرالية مواكبة الصناعات المحلية للتأكد من ان براءات الاختراع والمسائل المتعلقة بالملكية الفكرية يتم احترامها على المستوى المطلوب كما ينبغي على اوتاوا مساعدة الشركات على اختيار شركائها.

هل يؤدي التقارب الكندي الصيني الى اغضاب الولايات المتحدة؟

لا يعتبر السفير الكندي السابق أن المباشرة في التفاوض مع الصين قد يثير غضب الاميركيين لأنهم يتفهمون جداً بأن النمو المستقبلي سيُسجل في آسيا، الصين والهند لا بل قد يشكرون الحكومة الكندية على تعبيد الطريق في هذا الاتجاه مع الاشارة الى ان سيد البيت الابيض “دونالد ترامب” لا تستهويه الاتفاقات المتعددة الاطراف انما يرحب بالاتفاقات الثنائية.

هل يجوز اخلاقياً السعي الى اتفاق للتبادل التجاري الحر مع دولة لديها اداء قاتم في مجال حقوق الانسان؟

عندما تسعى كندا لإجراء مفاوضات على الصعيد التجاري فعليها ايضاً ان تتمكن من اجراء مباحثات صريحة حول ما يجري في الصين لا سيما على صعيد حرية التعبير وحقوق الانسان ولا بد من انتهاز كل المناسبات السانحة للتعبير عن القلق الكندي في هذا المجال مع ضرورة النظر بطريقة شاملة الى العلاقة الكندية-الصينية.

(المصدرإذاعة الشرق الأوسط في كندا عن القسم الفرنسي في هيئة الاذاعة الكندية)

أضغط هنا لقراءة المقال الأصلي

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

التعليقات مغلقة.